أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٩٤
يا أبا ذر الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما يبتغى به وجه الله.
يا أبا ذر ما من شئ أبغض إلى الله من الدنيا خلقها ثم أعرض عنها فلم ينظر إليها ولا ينتظر إليها حتى تقوم الساعة.
وما من شئ أحب إلى الله عز وجل من إيمان به وترك ما أمر به أن يترك.
يا أبا ذر إن الله جل ثناؤه أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام: لا تحب الدنيا فإني لا أحبها وحب الآخرة فإنها هي دار المعاد.
[يا أبا ذر] (1) إن جبرئيل عليه السلام أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء فقال: يا محمد هذه خزائن الدنيا ولا ينقصك من حظك شيئا عنده (2)، قال: فقلت:
حبيبي جبرئيل لا حاجة لي فيها، إذا جعت سألت ربي وإذا شبعت شكرته.
يا أبا ذر إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين، وزهده في الدنيا، وبصره عيوب نفسه.
يا أبا ذر، ما زهد عبد في الدنيا إلا أثبت الله عز وجل الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وبصره عيوب نفسه والدنيا ودواءها، وأخرجه منها سالما إلى دار السلام.
يا أبا ذر، إذا رأيت أخاك قد (3) زهد في الدنيا، فاستمع منه فإنه يلقي إليك الحكمة.
فقلت: يا رسول الله، من أزهد الناس؟
قال: من لم ينس المقابر والبلى، وترك ما يفنى لما يبقى، ومن لم يعد غدا من أيامه، وعد نفسه في الموتى.
يا أبا ذر، لم يوح إلي أن أجمع المال إلى المال، ولكن أوحي إلي أن سبح بحمدي وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين.
يا أبا ذر، إني البس الغليظ، وأجلس على الأرض، وأركب الحمار بغير سرج،

1 - أثبتناه من أمالي الطوسي.
2 - في الأمالي: عند ربك تعالى.
3 - في الأصل: به، وما أثبتناه من الأمالي.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»