أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٩٦
يا أبا ذر، ليعظم جلال الله في صدرك، فلا تذكره كما يذكره الجاهل، عند الكلب: اللهم اخزه، وعند الخنزير: [اللهم] (1) اخزه.
يا أبا ذر، إن لله عز وجل ملائكة قياما - في خيفة - ما يرفعون رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة، فيقولون: سبحانك وبحمدك، ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد. فلو كان لرجل عمل سبعين صديقا، لاستقل عمله من شدة ما يرى يومئذ، ولو أن دلوا صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها، ولو زفرت زفرة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا لركبتيه يقول: رب نفسي نفسي، حتى ينسى إبراهيم إسحاق عليهما السلام يقول: يا رب أنا خليلك فلا تنسني.
يا أبا ذر، لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لأضاءت لها الأرض، ولو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.
يا أبا ذر، اخفض صوتك عند الجنائز، وعند القتال، وعند القرآن.
يا أبا ذر، إذا اتبعت جنازة فليكن عملك فيها التفكر والخشوع، واعلم أنك لا حق بها.
يا أبا ذر، اعلم أن فيكم خلقين: الضحك من غير عجب، والكسل من غير سهر.
يا أبا ذر، ركعتان مقتصدتان في تفكر، خير من قيام ليلة والقلب ساه.
يا أبا ذر، الحق ثقيل مر، والباطل خفيف حلو، ورب شهوة ساعة تورث حزنا طويلا.
يا أبا ذر، لا يفقه الرجل كل الفقه، حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الأباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها.
يا أبا ذر، لا يصيب الرجل حقيقة الإيمان، حتى يرى الناس كلهم عقلاء في دنياهم سفهاء في دينهم.
يا أبا ذر، حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فإنه أهون لحسابك غدا وزن نفسك قبل أن توزن، وتجهز للعرض الأكبر، يوم تعرض لا تخفى على الله منك خافية.
يا أبا ذر، استحي من الله، فإني - والذي نفسي بيده - لأظل حين أذهب إلى

1 - أثبتناه من مكارم الأخلاق.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»