يا أبا ذر، إن سرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، وإن سرك أن تكون أعز الناس فتوكل على الله، وإن سرك أن تكون أكرم الناس فاتق الله عز وجل، وإن سرك أن تكون أغنى الناس فكن بما في يد الله عز وجل أوثق منك بما في يديك.
يا أبا ذر، لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لكفتهم: ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره﴾ (1).
يا أبا ذر، يقول الله تعالى: لا يؤثر عبد هواي على هواه، إلا جعلت غناه في نفسه، وهمومه في آخرته، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكففت عليه صنعته (2).
وكنت له خيرا من تجارة كل تاجر.
يا أبا ذر، لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت، لأدركه رزقه كما يدركه الموت.
يا أبا ذر، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله عز وجل بهن؟
قلت: بلى يا رسول الله.
فقال: احفظ الله يحفضك احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله تعالى في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم يكتبه الله عليك ما قدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل لله تعالى بالرضا في اليقين فافعل، فإن لم تستطع فاصطبر فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وإن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا.
يا أبا ذر، استغن بغنى الله يغنك الله.
قلت: وما هو يا رسول الله؟ قال: غداء يوم وعشاء ليلة، فمن قنع بما رزقه الله - يا أبا ذر - فهو من أغنى الناس.
يا أبا ذر، إن الله - جل ثناؤه - يقول: إني لست كل كلام الحكيم أتقبل، ولكن همه وهواه، فإن كان همه وهواه فيما أحب وأرضى، جعلت صمته حمدا لي