أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٩٠
يا أبا ذر، كن في الدنيا كأنك غريب أو كعابر سبيل، وعد نفسك في أهل القبور.
يا أبا ذر، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل مماتك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا.
يا أبا ذر، إياك أن تدركك الصرعة عند العثرة، فلا تمكن من الرجعة، ولا يحمدك من خلفت بما تركت، ولا يعذرك من تقدم عليه بما فيه اشتغلت.
يا أبا ذر ما رأيت كالنار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها.
يا أبا ذر، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك.
يا أبا ذر، هل ينتظر أحد إلا غنى مطغيا (1)، أو فقرا منسيا، أو مرضا مزمنا، أو هرما مفنيا، أو موتا مجهدا، أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر!
يا أبا ذر، إن شر الناس عند الله - جل ثناؤه - يوم القيامة، عالم لا ينتفع بعلمه، ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه، لم يجد ريح الجنة.
يا أبا ذر، إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل: لا أعلم، تنج من تبعته. ولا تفت الناس بما لا علم لك به، تنج من عذاب يوم القيامة.
يا أبا ذر، يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار؟ وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم! فيقولون: كنا نأمر بالمعروف ولا نفعله يا أبا ذر، إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها (2) العباد، وإن نعم الله عز وجل أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أمسوا تائبين، وأصبحوا يائسين.
يا أبا ذر، إنكم في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن يزرع خيرا يوشك أن (3) يحصد رغبة، ومن يزرع سوءا يوشك أن يحصد (4)

1 - في الأصل والأمالي: مطيعا، وما أثبتناه من مكارم الأخلاق.
2 - في الأصل: به، وما أثبتناه من الأمالي.
3 - في الأصل زيادة: كان.
4 - في الأصل: تزرع، وما أثبتناه من الأمالي.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»