أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٩٧
الغائط متقنعا بثوبي استحياء من الملائكة الذين معي.
يا أبا ذر، أتحب أن تدخل الجنة؟
قلت: نعم، فداك أبي وأمي.
قال: أقصر من الأمل، واجعل الموت نصب عينك، واستحي من الله حق الحياء.
قلت: يا رسول الله، كلنا نستحي من الله.
قال: ليس كذلك الحياء، ولكن الحياء من الله أن لا تنسى الموت والمقابر والبلى، وتحفظ الجوف وما وعى، والرأس وما حوى، فمن أراد كرامة الآخرة فليدع زينة الدنيا، فإذا كنت كذلك أصبت ولاية الله عز وجل.
يا أبا ذر، يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح.
يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل، كمثل الذي يرمي بغير وتر.
يا أبا ذر، إن الله تعالى يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده، ويحفظه الله في دويرته والدور التي خوله ما دام فيهم يا أبا ذر، إن ربكم عز وجل يباهي الملائكة بثلاثة نفر:
رجل يصبح في أرض قفر، فيؤذن ثم يقيم ثم يصلي، فيقول ربك عز وجل للملائكة: انظروا إلى عبدي يصلي ولا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملكا يصلون وراءه ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم.
ورجل قام من الليل يصلي وحده، فسجد ونام وهو ساجد، فيقول: انظروا إلى عبدي، روحه عندي وجسده ساجد.
ورجل في زحف، فيفر أصحابه ويثبت وهو يقاتل حتى قتل.
يا أبا ذر، ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض، إلا شهدت له يوم القيامة، وما بها من منزل ينزل قوم، إلا أصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم.
يا أبا ذر، ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضا: يا جارة، هل مر بك ذاكر لله عز وجل، أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا لله تعالى؟ فمن قائلة: لا، ومن قائلة: نعم. فإذا قالت: نعم، اهتزت وابتهجت، وترى أن لها فضلا على جارتها.
يا أبا ذر، إن الله تعالى لما خلق الأرض وخلق ما فيها (1) من الشجر، لم يكن في

1 - في الأصل: ما بينهما، وما أثبتناه من الأمالي.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»