" للشيخ أبي محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي الواعظ الشيعي ".
الديلمي والغربة:
سيرى القارئ في (منهجية المؤلف) أن الديلمي - رحمه الله - مضطرب النفس في كتابه أعلام الدين، يعتمد على ذاكرته في نقل الأحاديث، قليل الكتب حيث ينقل النصوص المضبوطة عن كتابين أو ثلاثة منها مجموعة ورام.
هذه الظاهرة سببها - فيما يظهر - ابتلاؤه بالغربة والوحدة وضيق ذات اليد، وهي حالة يبتلى بها العارفون المخلصون الزاهدون في الدنيا، العاملون في سبيل عمارة أخراهم ولو أضر ذلك بدنياهم.
وقد تنبأ له والده بهذا المستقبل.
قال المؤلف رحمه الله في أعلام الدين ص 326 بعد ذكر عدة آيات قرآنية في الموالاة في الله والمعاداة فيه عز وجل:
" يقسم بالله - جل جلاله - مملي هذا الكتاب: إن أوثق وأنجح ما توخيته فيما بيني وبين الله عز وجل، بعد المعرفة والولاية هذا المعنى، ولقد فعل الله تعالى معي به كل خير، وإن كان أكسبني العداوة من الناس، فقد ألبسني ثوب الولاية لله تعالى، لأن الله تعالى علم مني مراعاة هذا الأمر صغيرا وكبيرا، وما عرفني به معرفة صحيحة غير والدي - رحمه الله - فإنه قال لي يوما من الأيام: يا ولدي، أنت تريد الأشياء بيضاء نقية خالية من الغش من كل الناس، وهذا أمر ما صح منهم لله ولا لرسوله، ولا لأمير المؤمنين، ولا لأولاده الأئمة عليهم السلام، فإذا تعيش فريدا وحيدا غريبا فقيرا، وكان الأمر كما قال، ولست بحمد الله بندمان على ما فات، حيث كان في ذلك حفاظ جنب الله تعالى، وكفى به حسيبا ونصيرا ".
وقد صدقت نبوءة والده فيه، فإنه لما خبر الناس والمجتمعات التي يحكمها الطواغيت وعرفها عن كثب، وجدها تجمعات لذئاب في أبدان بشرية لا يرعون لعهد - إلهي ولا إنساني - إلا ولا ذمة; فآثر وحشة الانزواء وغربة الانطواء على الذات على مخالطة تلك الذئاب الكاسرة.. خوفا على ما حصله من تزكية نفسه