واحد، ويشرب الفرق (1) من الشراب في ذلك المقام الجماعة كلها من ذلك اليسير حتى شبعوا (ولم يتبين ما أكلوا) (2)، فبهرهم بذلك وتبين لهم آية نبوته. ثم قال: يا بني عبد المطلب، إن الله بعثني بالحق (3) إلى الخلق كافة، وبعثني إليكم خاصة، فقال:
(وأنذر عشيرتك الأقربين)، وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقلين في الميزان، تملكون بهما العرب والعجم، وتنقاد لكم بهما الأمم، وتدخلون بهما الجنة، وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فمن يجبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن (أخي و) (4) وصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي؟
فلم يجب أحد منهم.
فقال أمير المؤمنين: أنا يا رسول الله أوازرك على هذا الأمر فقال: اجلس، ثم أعاد القول (5) على القوم ثانية، فأصمتوا وقمت فقلت مثل (6) مقالتي الأولى، فقال: اجلس! ثم أعاد على القوم مقالته ثالثة، فلم ينطق أحد منهم بحرف، فقمت فقلت: أنا أؤازرك يا رسول الله على هذا الأمر، فقال: أجلس فأنت أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي.
فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب: ليهنك اليوم أن دخلت في دين ابن أخيك، فقد جعل ابنك أميرا عليك (7).