كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٧
المسألة التاسعة: في أنه تعالى مخالف لغيره من الماهيات قال: والمثل (1).
أقول: هذا عطف على الزائد أيضا، أي ووجوب الوجود يدل على نفي الزائد ونفي الشريك ونفي المثل، وهذا مذهب أكثر العقلاء، وخالف فيه أبو هاشم فإنه جعل ذاته مساوية لغيرها من الذوات وإنما تخالفها بحالة توجب أحوالا أربعة، وهي الحيية والعالمية والقادرية والموجودية، وتلك الحالة هي صفة إلهية، وهذا المذهب لا شك في بطلانه فإن الأشياء المتساوية تتشارك في لوازمها فلو كانت الذوات متساوية جاز انقلاب القديم محدثا وبالعكس وذلك باطل بالضرورة.

(1) قد عرفت أن المثل يطلق فيما إذا كان بين الأمرين وحدة في الماهية واختلاف في الأصناف والخصوصيات، كفردين من إنسان، والله سبحانه تباين ماهيته ماهية الممكنات فلا يتصور له مثل، والدليل على التباين أن مقتضى وجوب وجوده كون ماهيته عين الوجود، وإلا فلو كانت له وراء الوجود ماهية خالية عن الوجود، لزم إمكان وجوده وهو خلف، بخلاف الممكنات فإن ماهيتها وراء الوجود، إذ لو كان الوجود عين ماهيته أو جزء منها لما اتصف بالإمكان ومساواة نسبة الوجود والعدم إليه. هذا هو الذي سلكه أكثر العقلاء.
وهناك بعض من يتصور لله سبحانه ماهية كمفاهيم الممكنات، غير أنه يتميز عنها بأحد أمرين:
1 - الصفات الحقيقية الزائدة كالعلم والقدرة التامتين. وعليه فريق من المتكلمين.
2 - الأحوال الأربعة، وهي الحيية والعالمية والقادرية والموجودية، وبطلان النظريتين واضح، لأن لازم تساوي ذاته مع ذات الممكنات أن يوصف كل بصفات الآخر، فيتصف الواجب بصفات الممكن، والممكن بصفات الواجب لأن حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد، ولازمه انقلاب القديم محدثا وبالعكس، وإلى ما ذكرنا أشار الشارح بقوله: " فإن الأشياء المتساوية تتشارك في لوازمها... ".
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»