كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٢
وأصحاب أبي عبد الله بن كرام اختلفوا:
فقال محمد بن الهيصم: إنه تعالى في جهة فوق العرش لا نهاية لها والبعد بينه وبين العرش أيضا غير متناه.
وقال بعضهم: البعد متناه، وقال قوم منهم: إنه تعالى على العرش كما تقوله المجسمة!
وهذه المذاهب كلها فاسدة، لأن كل ذي جهة فهو مشار إليه ومحل للأكوان الحادثة فيكون حادثا فلا يكون واجبا.
المسألة السادسة عشرة: في أنه تعالى ليس محلا للحوادث قال: وحلول الحوادث فيه.
أقول: وجوب الوجود ينافي حلول الحوادث في ذاته تعالى، وهو معطوف على الزائد، وقد خالف فيه الكرامية.
والدليل على الامتناع أن حدوث الحوادث فيه تعالى يدل على تغيره وانفعاله في ذاته، وذلك ينافي الوجوب، وأيضا فإن المقتضي للحادث إن كان ذاته كان أزليا وإن كان غيره كان الواجب مفتقرا إلى الغير وهو محال، ولأنه إن كان صفة كمال استحال خلو الذات عنه وإن لم يكن استحال اتصاف الذات به (1).

(1) إذا كان المقتضى لحلول الحوادث في ذاته، هو ذاته سبحانه، يلزم قدم الحادث وأزليته لأن أزلية العلة توجب أزلية المعلول.
وإن كان المقتضي لحلول الحوادث غير ذاته، يكون الذات مفتقرا إلى الغير الذي هو السبب لحدوث الحوادث في ذاته.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»