كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٨
والحيز عنه، فينتفى الرؤية عنه بالضرورة، لأن كل مرئي فهو في جهة يشار إليه بأنه هنا أو هناك ويكون مقابلا أو في حكم المقابل ولما انتفى هذا المعنى عنه تعالى انتفت الرؤية.
قال: وسؤال موسى لقومه.
أقول: لما استدل على نفي الرؤية شرع في الجواب عن احتجاج الأشاعرة، وقد احتجوا بوجوه أجاب المصنف عنها:
الأول: أن موسى عليه السلام سأل الرؤية ولو كانت ممتنعة لم يصح منه السؤال.
والجواب: أن السؤال كان من موسى عليه السلام لقومه ليبين لهم امتناع الرؤية، لقوله تعالى: * (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة) * (1)، وقوله: * (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا (2) *.
قال: والنظر لا يدل على الرؤية مع قبوله التأويل.
أقول: تقرير الوجه الثاني لهم أنه تعالى حكى عن أهل الجنة، النظر إليه فقال: * (إلى ربها ناظرة) * (3) والنظر المقرون بحرف * (إلى) * يفيد الرؤية لأنه حقيقة في تقليب الحدقة نحو المطلوب التماسا لرؤيته، وهذا متعذر في حقه تعالى لانتفاء الجهة عنه، فبقي المراد منه مجازه وهو الرؤية التي هي معلول النظر الحقيقي واستعمال لفظ السبب في المسبب من أحسن وجوه المجاز.

(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»