كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤١
المسألة الخامسة عشرة: في نفي الجهة عنه تعالى قال: والجهة (1).
أقول: هذا حكم من الأحكام اللازمة لوجوب الوجود، وهو معطوف على الزائد، وقد نازع فيه جميع المجسمة فإنهم ذهبوا إلى أنه تعالى جسم في جهة.

(1) قد تقدم أن نفي التحيز والجهة متقاربان، ولكن الجهة أعم من التحيز، لأن النقطة لها جهة وليست بمتحيزة. قال الماتن في المسألة الحادية عشرة من الفصل الأول من المقصد الثاني (1):
" الجهة طرف الامتداد الحاصل في مأخذ الإشارة ". وقال الشارح في ذلك الموضع: إنا نتوهم امتدادا آخذا من المشير ومنتهيا إلى المشار إليه، فذلك المنتهى هو طرف الامتداد الحاصل في مأخذ الإشارة.
وقال الماتن أيضا: " وهي من ذوات الأوضاع المقصودة بالحركة للحصول فيها وبالإشارة ".
وعلى كل تقدير فإن القائل بكونه سبحانه ذا جهة:
إما أن يقول بكونه جسما ذا جهة، فيرده ما دل على امتناع كونه جسما، وهو أن الجسم غير خال عن الحركة والسكون كما تقدم بيانه.
وإما أن يقول به من دون وصفه بكونه جسما - (وإن لم يكن له قائل فإن الكرامية القائلة بالجهة تقول بأنه سبحانه جسم) - فإن الجهة إذا لم يكن جسما ليست أمرا مجردا عن المادة وعلائقها، بل هي من ذوات الأوضاع التي تتناولها الإشارة الحسية وتقصد بالحركة والإشارة، فتكون موجودة مادية، وهي لا تخلو عن الأكوان الحادثة، وإليه أشار الشارح: " لأن كل ذي جهة فهو مشار إليه ومحل للأكوان الحادثة فيكون حادثا فلا يكون واجبا ". وعلى ضوء ذلك، فلكل من الوجهين دليل مستقل.
- 1 - كشف المراد: 154.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»