كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٦
قال: ولا يستدعي العلم صورا مغايرة للمعلومات عنده (1) لأن نسبة الحصول إليه أشد من نسبة الصور المعقولة لنا.
أقول: هذا جواب عن اعتراض آخر أورده من نفى علم الله تعالى بالماهيات المغايرة له.
وتقرير الاعتراض: أن العلم صورة مساوية للمعلوم في العالم، فلو كان

(1) الإشكال في علمه سبحانه بالماهيات المغائرة له - على حد تعبير الشارح - أو الوجودات المغائرة له - حسب تعبيرنا - مبني على حصر العلم بالقسم الحصولي أي الصور المرتسمة الحالة في العالم وعندئذ يتوقف علمه سبحانه بها على توسط صورة بينه وبين الموجودات فيتسرب ما ذكر من الإشكالات، وأما إذا كسرنا إطار الحصر وقلنا: إنه ينقسم إلى حضوري وحصولي ولا يتوقف القسم الأول، على انتزاع صورة من المعلوم بل هو بنفسه وواقعه يكون حاضرا لدى العالم بلا توسط صورة، فيرتفع الإشكال.
ويعلم حال علمه سبحانه بذاته من مقايسة علم النفس بالصورة المرتسمة الحاكية عن الخارج فإنها عالمة بالخارج بتوسط الصور وأما علمها بها، فلا يتوقف على توسط صورة أخرى وإلا لزم التسلسل.
والله سبحانه عالم بالوجودات الإمكانية بنفسها لأنها فعله القائم به قيام المعنى الحرفي، بالاسمي، ولا يتوقف علمه بها على توسيط صور بينه وبينها. فمثل الوجودات الإمكانية بالنسبة إليه تعالى، كمثل الصور المرتسمة لدى النفس ولكن حضورها عنده تعالى أشد من حضورها لديها. لأن نسبته إليه، نسبة المؤثر إلى الأثر والموجد إلى موجده، بخلاف نسبتها إليها، إذ هو من قبيل نسبة القابل إلى المقبول.
نعم بناء على أن النفس خلاق للصور، وموجدة لها بعد تحقق مقدمات ومعدات من الحواس، يكون التشبيه أوضح إذ النفس تكون خلاقة للصور في ظل خلاقيته سبحانه لما سواه فيكون مثلا له في عالم الشهادة، وإن كان سبحانه نزيها عن المثل.
(٢٦)
مفاتيح البحث: الوقوف (3)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»