كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٦٥
ومنع أبو علي وجماعة من المعتزلة (1) استحقاق المدح والثواب بالإخلال بالقبيح وصارا إلى ذلك لأن المكلف يمتنع خلوه من الأخذ والترك الذي هو فعل الضد.
والحق ما ذكره المصنف رحمه الله، فإن العقلاء يستحسنون ذم المخل

(1) توضيحه: أن هؤلاء قصروا الثواب بصورة واحدة وهو الكف عن الحرام. وأما إذا ترك الحرام من دون التفات إليه فلم يروا فيه ثوابا، واستدلوا لذلك بأن المكلف على أي حال كان، فإما فاعل أو تارك ويمتنع عليه الخروج عنهما فهو لا يقدر على غيرهما وغير المقدور لا يطلبه الشارع على قواعد العدلية.
ولما اعترض عليهم بأن لازم هذا الاستدلال عدم تحقق المعصية في الإخلال بالواجب وتركه (بلا التفات) مع أن العقلاء يستحسنون الذم على من ترك الواجب بلا التفات وكف عن فعله، فأجابوا بالالتزام بأن الإخلال بفعل الواجب لا تتحقق به المعصية لعدم القدرة على الإخلال لعين الدليل المذكور في ترك الحرام.
وقد رده الشارح بأن العقلاء يستحسنون ذم المخل بالواجب، أي بنفس الترك، وإن لم يتصوروا منه فعلا كما يستحسنون ذمه على فعل القبيح.
ومع هذا التقرير فلم تتبين كيفية الاستدلال، لأن عدم الخروج من الفعل والترك لا يكون دليلا على سلب القدرة وإلا لزم نفي القدرة بتاتا في جميع الموارد وذلك لأن الإنسان إذا قيس على أي موضوع فلا يخلو من الفعل والترك.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»