كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٩
وعن شبهة الجبائيين: أن العدم إنما يحصل إذا لم يوجد داع لقادر آخر إلى إيجاده (1).
المسألة الثانية: في أنه تعالى عالم قال: والإحكام والتجرد واستناد كل شئ إليه دلائل العلم.
أقول: لما فرغ من بيان كونه تعالى قادرا وكيفية قدرته شرع في بيان كونه تعالى عالما وكيفية علمه.
واستدل على كونه تعالى عالما بوجوه ثلاثة: الأول منها للمتكلمين والأخيران للحكماء.

(1) إذا كان المفروض في كلامهما هو ما جاء في الشرح من أن الله يريد الإحداث، والعبد لا يريده، فالجواب هو ما جاء هنا، وهو أنه يقع الفعل دون العدم، إذ العدم رهن عدم الداعي إلى الفعل، فلو كان هناك داع إلى الفعل يقع الفعل وتؤثر إرادة الله، وليس في ناحية العبد داع ولا إرادة حتى يكون هناك تعارض.
وبعبارة أخرى: إذا كان المفروض في كلام الجبائيين أن أحد الفاعلين يريد الفعل دون الآخر، فالجواب هو ما جاء في كلام الشارح، فيتحقق مراد من يريد دون من لا يريد، وإلى ذلك ينظر قوله: إن العدم إنما يحصل إذا لم يوجد داع لقادر آخر إلى إيجاده.
نعم لكلامهما صور أخر لم يذكرها الشارح ولكل حكمه، والتفصيل موكول إلى مسألة برهان التمانع الوارد في كلام المتكلمين على توحيده، وإجماله أنه إذا أرادا الفعل، أو أرادا العدم أو أراد أحدهما الفعل والآخر العدم، ففي الصورتين الأوليين لا تزاحم بين الداعيين ولا بين الإرادتين، لكون إرادة العبد في طول إرادة الله سبحانه، فيكون تعلق إرادة الواجب بالتسبيب وتعلق إرادة العبد بالمباشرة، وأما عند المخالفة فلو كان زمانا الإرادتين مختلفين يتحقق كل في ظرفه وإلا فيتبع الواقع أقوى الإرادتين وهو إرادة الواجب سبحانه.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»