كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٨٥
ولهذا أراد النابغة الإسلام لما سمع القرآن وعرف فصاحته فصده أبو جهل وقال له يحرم عليك الأطيبين وأخبر الله تعالى عنهم بذلك في قوله (إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر) إلى آخر الآية ولأن الصرفة لو كان سببا في الاعجاز لوجب أن يكون في غاية الركاكة لأن الصرفة عن الركيك أبلغ في الاعجاز والتالي باطل بالضرورة، واحتج السيد المرتضى بأن العرب كانوا قادرين على الألفاظ المفردة وعلى التركيب وإنما منعوا عن الاتيان بمثله تعجيزا لهم عما كانوا قادرين عليه وكل هذه الأقسام محتملة.
قال: والنسخ تابع للمصالح.
أقول: هذا إشارة إلى الرد على اليهود حيث قالوا بدوام شرع موسى عليه السلام قالوا لأن النسخ باطل لأن المنسوخ إن كان مصلحة قبح النهى عنه وإن كان مفسدة قبح الأمر به وإذا بطل النسخ لزم القول بدوام شرع موسى عليه السلام وتقرير الجواب أن نقول الأحكام منوطة بالمصالح والمصالح تتغير بتغير الأوقات وتختلف باختلاف المكلفين فجاز أن يكون الحكم المعين مصلحة لقوم وفي زمان فيؤمر به ويكون مفسدة لقوم وفي زمان آخر فينهى عنه.
قال: وقد وقع حيث حرم على نوح بعض ما أحل لمن تقدم وأوجب الختان بعد تأخره وحرم الجمع بين الأختين وغير ذلك.
أقول: هذا تأكيد لإبطال قول اليهود المانعين من النسخ فإنه بين أولا جواز وقوعه وههنا بين وقوعه في شرعهم وذلك في مواضع منها أنه قد جاء في التورية أن الله تعالى قال لآدم وحواء عليهما السلام قد أبحت لكما كلما دب على وجه الأرض فكانت له نفس حية وورد فيها أنه قال لنوح عليه السلام خذ معك من الحيوان الحلال كذا ومن الحيوان الحرام كذا فحرم على نوح عليه السلام بعض ما أباحه لآدم عليه السلام ومنها أنه أباح لنوح تأخير الختان إلى وقت الكبر وحرمه على غيره من الأنبياء وأباح لإبراهيم عليه السلام تأخير ختان ولده إسماعيل إلى حال
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»