كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٧٦
متابعته وضدها والإنكار عليه.
أقول: اختلف الناس هيهنا فجماعة المعتزلة جوزوا الصغائر على الأنبياء إما على سبيل السهو كما ذهب إليه بعضهم أو على سبيل التأويل كما ذهب إليه قوم منهم أو لأنها تقع محبطة (1) بكثرة ثوابهم وذهبت الأشاعرة والحشوية إلى أنه يجوز عليهم الصغائر والكبائر إلا الكفر والكذب وقالت الإمامية أنه يجب عصمتهم عن الذنوب كلها صغيرة كانت أو كبيرة والدليل عليه بوجوه (أحدها) أن الغرض من بعثة الأنبياء عليهم السلام إنما يحصل بالعصمة فيجب العصمة تحصيلا للغرض، وبيان ذلك أن المبعوث إليهم لو جوزوا الكذب على الأنبياء والمعصية جوزوا في أمرهم ونهيهم وأفعالهم التي أمروهم باتباعهم فيها ذلك وحينئذ لا ينقادون إلى امتثال أوامرهم وذلك نقض للغرض من البعثة (الثاني) أن النبي (ع) يجب متابعته فإذا فعل معصية فأما أن يجب متابعته أولا والثاني باطل لانتفاء فائدة البعثة والأول باطل لأن المعصية لا يجوز فعلها وأشار بقوله لوجوب متابعته وضدها إلى هذا الدليل لأنه بالنظر إلى كونه نبيا يجب متابعته وبالنظر إلى كون الفعل معصية لا يجوز اتباعه (الثالث) أنه إذا فعل معصية وجب الانكار عليه لعموم وجوب النهي عن المنكر وذلك يستلزم إيذائه وهو منهى عنه وكل ذلك محال.
قال: وكمال العقل والذكاء والفطنة وقوة الرأي وعدم السهو وكلما ينفر عنه من دنائة الآباء وعهر الأمهات والفظاظة والابنه وشبهها والأكل على الطهر وشبهه.
أقول: يجب أن يكون في النبي (ع) هذه الصفات التي ذكرها وقوله وكمال العقل عطف على العصمة أي ويجب في النبي كمال العقل وذلك ظاهر وأن يكون في غاية الذكاء والفطنة وقوة الرأي بحيث لا يكون ضعيف الرأي مترددا

(1) من الحبط بالباء الموحدة.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»