كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٤٦
(الثالث) لم لا يجوزان أن يكون التكليف شكرا للنعم السابقة والجواب عن الأول بالفرق من وجهين (أحدهما) أن الجرح مضرة والتكليف نفسه ليس بمضرة وإنما المشقة في الأفعال التي يتناولها التكليف (الثاني) أن الجرح والتداوي إنزال مضرة لا غرض فيه إلا التخلص من تلك المضرة بخلاف للتكليف وعن الثاني أن المراضاة تعتبر في المعاوضات لاختلاف أغراض الناس في التعامل جنسا ووصفا أما إذا لم - يكن هناك معاوضة وبلغ النفع حدا يكون غاية ما يطلبه العقلاء لم يختلف العقلاء في اختيار المشقة بسببه حتى أن العقلاء يسفهون الممتنع منه وعن الثالث أن الشكر لا يشترط فيه المشقة والله تعالى قادر على إزالة صفة المشقة عن هذه الأفعال فلو كان التكليف شكرا لزم العبث في صفة المشقة ولأن طلب الفعل الشاق شكرا يخرج النعمة عن كونها نعمة.
قال: ولأن النوع محتاج إلى التعاضد المستلزم للسنة النافع استعمالها في الرياضة وإدامة النظر في الأمور العالية وتذكر الانذارات المستلزمة لإقامة العدل مع زيادة الأجر والثواب.
أقول: لما ذكر المصنف (ره) حسن التكليف على رأي المتكلمين شرع في طريق الإسلاميين من الفلاسفة فبدأ بذكر الحاجة إلى التكليف ثم ذكر منافعه الدنيوية والأخروية وتحقيقه أن نقول إن الله خلق الإنسان مدنيا بالطبع لا كغيره من الحيوانات ولا يمكن أن يبقى أشخاصه ولا يحصل لهم كمالاتهم إلا بالتعاضد والتعاون لأن الأغذية والملبوسات أمور صناعية يحتاج كل منهم إلى صاحبه في عمل يستعينه عن عمله له حتى يتم كمال ما يحتاج إليه واجتماعهم مع تباين شهواتهم وتغاير أمزجتهم واختلاف قواهم المقتضية للأفعال الصادرة عنهم مظنة التنازع والفساد ووقوع الفتن فوجب وضع قانون وسنة عادلة يتعادلون بها فيما بينهم ثم تلك السنة لو استند وضعها إليها لزم المحذور فوجب استنادها إلى شخص متميز عنهم بكمال قواه واستحقاقه للانقياد إليه والطاعة له وذلك إنما يكون بمعجزات
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»