كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٢٩
قبيحا وبالعكس وكان يجوز أن يكون هناك أمم عظيمة يعتقدون حسن مدح من أساء إليهم وذم من أحسن كما حصل لنا اعتقاد عكس ذلك ولما علم كل عاقل بطلان ذلك جزمنا باستناد هذه الأحكام إلى القضايا العقلية لا الأوامر والنواهي الشرعية ولا العادات.
قال: ويجوز التفاوت في العلوم لتفاوت التصور.
أقول: لما استدل على مذهبه من إثبات الحسن والقبح العقليين شرع في الجواب عن شبهة الأشاعرة وقد احتجوا بوجوه (الأول) لو كان العلم بقبح الأشياء وحسنها ضروريا لما وقع التفاوت بينه وبين العلم بزيادة الكل على الجزء والتالي باطل بالوجدان فالمقدم مثله والشرطية ظاهرة لأن العلوم الضرورية لا تتفاوت (والجواب) المنع من الملازمة فإن العلوم الضرورية قد تتفاوت بوقوع التفاوت في التصورات. فقوله: (ويجوز التفاوت في العلوم لتفاوت التصور) إشارة إلى هذا الجواب.
قال: وارتكاب أقل القبيحين مع إمكان التخلص أقول: هذا يصلح أن يكون جوابا عن شبهتين للأشعرية (أحديهما) قالوا لو كان الكذب قبيحا لكان الكذب المقتضي لتخليص النبي من يد الظالم قبيحا والتالي باطل لأنه يحسن تخليص النبي فالمقدم مثله (الثانية) قالوا لو قال الإنسان لا كذبن غدا فإن حسن منه الصدق بإيفاء الوعد لزم حسن الكذب وإن قبح كان الصدق قبيحا فيحسن الكذب (والجواب) فيهما واحد وذلك لأن تخليص النبي أرجح من الصدق فيكون تركه أقبح من الكذب فيجب ارتكاب أدنى القبيحين وهو الكذب لاشتماله على المصلحة العظيمة الراجحة على الصدق وأيضا يجب ترك الكذب في غد لأنه إذا كذب في الغد فعل شيئا فيه جهتا قبح وهو العزم على الكذب وفعله ووجها واحدا من وجوه الحسن وهو الصدق وإذا ترك الكذب يكون قد ترك الكذب والعزم على الكذب وهما وجها حسن
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»