كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٣٠
وفعل وجها واحدا من وجوه القبح وهو الكذب وأيضا قد يمكن التخلص عن الكذب في الصورة الأولى بأن يفعل التورية أو يأتي بصورة الإخبار الكذب من غير قصد إليه ولأن جهة الحسن هو التخلص وهي غير منفكة عنه وجهة القبح هو الكذب وهي منفكة عنه فما هو حسن لم ينقلب قبيحا وكذا ما هو قبيح لم ينقلب حسنا.
قال: والجبر باطل.
أقول: هذا جواب عن شبهة أخرى لهم وهي أنهم قالوا الجبر حق فينتفي الحسن والقبح العقليان والملازمة ظاهرة وبيان صدق المقدم ما يأتي والجواب الطعن في الصغرى وسيأتي البحث فيها.
المسألة الثانية في أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب قال: واستغناؤه وعلمه يدلان على انتفاء القبح عن أفعاله تعالى.
أقول: اختلف الناس هنا فقالت المعتزلة أنه تعالى لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب ونازع الأشعرية في ذلك وأسندوا القبايح إليه تعالى الله عن ذلك والدليل على ما اختاره المعتزلة أن له داعيا إلى الفعل الحسن وليس له صارف عنه وله صارف عن فعل القبيح وليس له داع إليه وهو قادر على كل مقدور ومع وجود القدرة والداعي يجب الفعل وإنما قلنا ذلك لأنه تعالى غني يستحيل عليه الحاجة وهو عالم بحسن الحسن وقبح القبيح ومن المعلوم بالضرورة أن العالم بالقبيح الغني عنه لا يصدر عنه وأن العالم بالحسن القادر عليه إذا خلا من جهات المفسدة فإنه يوجده وتحريره إن الفعل بالنظر إلى ذاته ممكن وبالنظر إلى علته واجب وكل ممكن مستند إلى قادر فإن علته إنما تتم بواسطة القدرة والداعي فإذا وجد فقد تم السبب وعند تمام السبب يجب وجود الفعل وأيضا لو جاز منه فعل القبيح أو الاخلال بالواجب لارتفع الوثوق بوعده ووعيده لإمكان تطرق الكذب عليه ولجاز منه إظهار المعجزة على يد الكاذب وذلك يفضي إلى الشك
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»