بحسب اختلاف مصالح الخلق في أزمانهم وأشخاصهم، وذلك هو السر في نسخ الشرائع بعضها لبعض إلى أن انتهت النبوة والشريعة إلى نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) الذي اقتضت الحكمة كون نبوته وشريعته ناسختين لما تقدمهما باقيتين ببقاء التكليف، والدليل على صحة نبوته هو أنه ادعى النبوة وأظهر المعجزة على يده، وكل من كان كذلك كان نبيا حقا، فيحتاج إلى بيان أمور ثلاثة:
الأول: أنه ادعى النبوة.
الثاني: أنه ظهر المعجزة على يده.
الثالث: أنه كل من كان كذلك فهو نبي حق.
أما الأول: فهو ثابت إجماعا من الناس بحيث لم ينكره أحد.
وأما الثاني: فلأن المعجز هو الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوى المقرون بالتحدي المتعذر على الخلق الاتيان بمثله، أما اعتبار خرق العادة إذ لولاه لما كان معجزا كطلوع الشمس من مشرقها، وأما مطابقة الدعوى فلدلالته على صدق ما ادعاه، إذ لو خالف ذلك كما في قضية مسيلمة الكذاب لما دل على الصدق، وأما التعذر على الخلق فلأنه لو كان كثير الوقوع لما دل أيضا على النبوة.
ولا شك أيضا في ظهور المعجزات على يد نبينا وذلك معلوم بالتواتر الذي يفيد العلم ضرورة، فمن ذلك القرآن الكريم الذي تحدى به الخلق وطلب منهم الاتيان بمثله فلم يقدروا على ذلك، وعجزت عنه مصاقع الخطباء من العرب العرباء حتى دعاهم إلى محاربته ومسايفته الذي حصل به ذهاب نفوسهم وأموالهم وسبي ذراريهم ونسائهم، مع أنهم كانوا أقدر على دفع ذلك لتمكنهم من مفردات الألفاظ وتركيبها، مع أنهم كانوا من أهل الفصاحة والبلاغة والكلام والخطب والمحاورات والأجوبة فعدولهم عن