إذا تقرر هذا فاعلم: أن الناس اختلفوا في عصمة الأنبياء (عليهم السلام) فجوزت الخوارج عليهم الذنوب، وعندهم كل ذنب كفر، والحشوية جوزوا الإقدام على الكبائر ومنهم من منعها عمدا لا سهوا وجوزوا تعمد الصغائر والأشاعرة منعوا الكبائر مطلقا وجوزوا الصغائر سهوا، والإمامية أوجبوا العصمة مطلقا عن كل معصية عمدا وسهوا (1) وهو الحق لوجهين:
الأول: ما أشار إليه المصنف وتقريره أنه لو لم يكن الأنبياء معصومين لانتفت فائدة البعثة واللازم باطل فالملزوم مثله (2) بيان الملازمة أنه إذا جازت المعصية عليهم لم يحصل الوثوق بصحة قولهم لجواز الكذب حينئذ عليهم وإذا لم يحصل الوثوق لم يحصل الانقياد لأمرهم ونهيهم فتنتفي فائدة بعثهم وهو محال.
الثاني: لو صدر عنهم الذنب لوجب اتباعهم لدلالة النقل على وجوب اتباعهم لكن الأمر حينئذ باتباعهم محال، لأنه قبيح، فيكون صدور الذنب عنهم محالا وهو المطلوب.
قال: (الثالث: في أنه معصوم من أول عمره إلى آخره، لعدم انقياد القلوب إلى طاعة من عهد منه في سالف عمره أنواع المعاصي الكبائر والصغائر وما تنفر النفس منه).