أما عقلا: فلأنه لو كان مرئيا لكان في جهة فيكون جسما، وهو باطل، لما تقدم، بيان الأول أن كل مرئي فهو إما مقابل أو في حكم المقابل كالصورة في المرآة وذلك ضروري، وكل مقابل أو في حكمه فهو في جهة، فلو كان الباري تعالى مرئيا لكان في جهة.
وأما سمعا فلوجوه.
الأول: أن موسى (عليه السلام) لما سأل الرؤية أجيب: ب ﴿لن تراني﴾ (١)، ولن لنفي التأبيد نقلا عن أهل اللغة، وإذا لم يره موسى (عليه السلام) لم يره غيره بطريق أولى.
الثاني: قوله تعالى: ﴿لا تدركه الأبصار﴾ (٢)، تمدح بنفي إدراك الأبصار له فيكون إثباته له نقصا.
الثالث: أنه تعالى استعظم طلب رؤيته ورتب الذم عليه والوعيد فقال:
﴿فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم﴾ (٣)، ﴿وقال الذين لا يرجون لقائنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا﴾ (4).