أبدا) فيقول: والله لا أهجرك أبدا، ثم تقول: (والله لأدعون الله عليك) فيقول: والله لأدعون الله لك، ثم يحتمل هذا الكلام الغليظ، والقول الشديد في دار الخلافة، وبحضرة قريش والصحابة مع حاجة الخلافة إلى البهاء والرفعة وما يجب لها من التنزيه والهيبة، ثم لم يمنعه ذلك أن قال متعذرا أو متقربا كلام المعظم لحقها المكبر لمقامها والصائن لوجهها، والمتحنن عليها، ما أحد أعز علي منك (1) فقرا ولا أحب إلي منك غنى، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قيل لهم: ليس ذلك بدليل على البراءة من الظلم، والسلامة من العمد، وقد يبلغ من مكر الظالم، ودهاء الماكر، إذا كان أديبا، وللخصومة معتادا، أن يظهر كلام المظلوم، وذلة المنتصف، وحدب الوامق، ومقة المحق، (2) وكيف جعلتم ترك النكير حجة قاطعة، ودلالة واضحة، وقد زعمتم أن عمر قال على منبره " متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله متعة النساء ومتعة الحج أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما " فما وجدتم أحدا أنكر قوله، ولا استشنع مخرج نهيه، ولا خطأه في معناه، ولا تعجب منه، ولا استفهمه؟ وكيف تقضون في معناه بترك النكير، وقد شهد عمر يوم السقيفة وبعد ذلك، أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (الأئمة من قريش) ثم قال في شكاته: لو كان سالم (3) حيا، ما يخالجني فيه شك "
(٨٦)