ولا جرت عليه غدره، فيكون تصديقه له على جهة حسن الظن، وتعديل الشاهد، ولأنه لم يكن كثير منهم يعرف حقائق الحجج، والذي يقطع بشهادته على الغيب (1) وكان ذلك شبهة على أكثرهم، فلذلك قل النكير.
وتواكل الناس، واشتبه الأمر، فصار لا يتخلص إلى معرفة حق ذلك من باطله إلا العالم المتقدم، والمؤيد المسترشد، ولأنه لم يكن لعثمان في صدور العوام، وفي قلوب السفلة والطغام (2) ما كان لهما من الهيبة والمحبة، ولأنهما كانا أقل استئثارا بالفئ، وأقل تفكها (3) بما الله منه، ومن شأن الناس إهمال السلطان (4) ما وفر عليهم أموالهم، ولم يستأثر بخراجهم، ولم يعطل ثغورهم، ولأن الذي صنع أبو بكر من منع العترة حظها (5) والعمومة ميراثها، قد كان موافقا لجلة قريش (6) وكبراء العرب، ولأن عثمان أيضا كان مضعوفا في نفسه، مستخفا بقدره، لا يمنع ضيما، ولا يقمع عدوا، ولقد وثب ناس على عثمان بالشتم والقذف والتشنيع والنكير لأمور لو أتى عمر أضعافها وبلغ أقصاها لما اجترأوا على اغتيابه، فضلا من مبادأته، والإغراء به ومواجهته، كما أغلظ عيينة بن حصن (7) له فقال له: أما إنه لو كان عمر لقمعك ومنعك، فقال عيينة: عمر كان