كان لك لمننت به، قال ابن عباس: فقمت وتركتها فجئت عليا عليه السلام فأخبرته خبرها وما قلت لها فقال عليه السلام: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) (1).
فإن قيل: في الخبر دليل على توبتها، وهو قولها عقيب بكائها: لئن لم يغفر الله لنا لنهلكن.
قلنا: قد كشف الأمر ما عقبت هذا الكلام به، من اعترافها ببغض أمير المؤمنين عليه السلام وبغض أصحابه المؤمنين، وقد أوجب الله عليها محبتهم وتعظيمهم. وهذا دليل على الاصرار وأن بكائها إنما كان للخيبة لا للتوبة، وما في قولها: لئن لم يغفر الله لنا لنهلكن، من دليل للتوبة، وقد يقول المصر مثل ذلك إذا كان عارفا بخطئه فيما ارتكبه وليس كل من ارتكب ذنبا يعتقد أنه حسن حتى لا يكون خائفا من العقاب عليه، وأكثر مرتكبي الذنوب يخاف المصاب مع الاصرار ويظهر منهم مثل ما يحكى عن عائشة ولا يكون توبة.
وروى الواقدي بإسناده أن عمارا استأذن على عائشة بالبصرة بعد الفتح فأذنت له فدخل فقال: يا أمة كيف رأيت صنع الله حين جمع الحق والباطل، ألم يظهر الحق على الباطل، وزهق الباطل؟ فقالت: إن الحرب دول وسجال (2) وقد اديل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكن انظر يا عمار كيف تكون في عاقبة أمرك.