مسلمة الفهري (1) لمعاوية إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام، فتدارك أهله إن كانت لكم فيه حاجة، فكتب معاوية إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية أما بعد، فاحمل جندبا إلي على أغلظ مركب وأوعره فوجه به مع من سار به الليل والنهار، وحمل على شارف (2) ليس عليها إلا قتب (3) حتى قدم المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد، فلما قدم أبو ذر المدينة بعث إليه عثمان بأن الحق بأي أرض شئت، فقال: بمكة؟ قال: لا، قال:
فببيت المقدس؟ قال: لا، قال: فبأحد المصرين (4) قال: لا، ولكني مسيرك إلى الربذة، فسيره إليها، فلم يزل بها حتى مات رحمه الله.
وفي رواية الواقدي أن أبا ذر لما دخل على عثمان، فقال له: لا أنعم الله عينا يا جنيدب، فقال أبو ذر: أنا جندب وسماني رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله، فاخترت اسم رسول الله الذي سماني به على اسمي، فقال له عثمان: أنت الذي تزعم أنا نقول: إن يد الله مغلولة وإن الله فقير ونحن أغنياء، فقال أبو ذر: ولو كنتم لا تزعمون لأنفقتم مال الله على عباده، ولكني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا (5) وعباد الله خولا ودين الله دخلا، ثم يريح الله العباد منهم)