فأما تأوله الحديث، وحمله إياه على الاستحباب، فهو دفع للعيان لأن المروي أنه منع من ذلك وحظره حتى قالت له المرأة ما قالت، ولو كان راغبا عن المغالاة وغير حاظر لها (1) - لما كان في الآية حجة عليه ولا كان لكلام المرأة موقع ولا كان يعترف لها بأنها أفقه منه بل كان الواجب أن يرد عليها ويوبخها ويعرفها أنه ما حظر ذلك، وإنما تكون الآية حجة عليه لو كان حاظرا مانعا.
فأما التواضع فلا يقتضي إظهار القبيح، وتصويب الخطأ ولو كان الأمر على ما توهمه صاحب الكتاب لكان هو المصيب والمرأة مخطئة فكيف يتواضع بكلام يوهم أنه المخطي وهي المصيبة.
فأما التجسس فهو محظور بالقرآن والسنة، وليس للإمام أن يجتهد فيما يؤدي إلى مخالفة الكتاب والسنة، وقد كان يجب إن كان هذا عذرا صحيحا أن يعتذر به إلى من خطأه في وجهه، وقال له: إنك أخطأت السنة من وجوه فإنه بمعاذير نفسه أعلم من صاحب الكتاب، وتلك الحال تدعو إلى الاحتجاج وإقامة العذر وكل هذا تلزيق وتلفيق. (2) قال صاحب الكتاب: (شبهة لهم أخرى وأحد ما طعنوا به ونقموا عليه أنه كان * يعطي من بيت المال ما لا يجوز (3) حتى * كان يعطي عائشة وحفصة عشرة آلاف درهم في كل سنة وبأنه حرم أهل البيت خمسهم الذي يجري مجرى الواصل إليهم من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه كان عليه ثمانون ألف درهم من بيت المال على سبيل القرض وأجاب عن ذلك بأن