الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٣٦
ذهب إلى أن إمامته لم تثبت إلا بالنص عليه، وإنما ثبتت بالإجماع من الأمة والرضا، فقد ذهب إلى ذلك جماعة من الناس، ويرى أن إمامته أولى من حيث لم تقع بغتة ولا فجأة، ولا اختلف الناس في أصلها وامتنع كثير منهم من الدخول فيها، حتى أكرهوا وتهددوا وخوفوا.
فأما الفلتة فإنها وإن كانت محتملة للبغتة على ما حكى صاحب الكتاب وللزلة أيضا والخطيئة فالذي يخصصها بالمعنى الذي ذكرناه قوله: " وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه " وهذا الكلام لا يليق بالمدح وهو بالذم أشبه فيجب أن يكون محمولا على معناه.
وقوله: (إن المراد وقى الله شرها، إنه دفع شر الاختلاف فيها) وعدل عن الظاهر، لأن الشر في ظاهر الكلام مضاف إليها دون غيرها، وأبعد من هذا التأويل قوله: (إن المراد من عاد إلى مثلها من غير ضرورة وأكره المسلمين عليها فاقتلوه) لأن ما جرى هذا المجرى لا يكون مثلا لبيعة أبي بكر عندهم. لأن كل ذلك ما جرى على مذاهبهم فيها وقد كان يجب على هذا أن يقول: من عاد إلى خلافها فاقتلوه، وليس له أن يقول: إنما أراد بالتمثيل وجها واحدا، وهو وقوعهما من غير مشاورة لأن ذلك إنما تم في أبي بكر خاصة لظهور أمره، واشتهار فضله، ولأنهم بادروا إلى العقد خوفا من الفتنة، وذلك أنه غير منكر أن يتفق من ظهور فضل غير أبي بكر بالعقد له واشتهار أمره، وخوف الفتنة ما اتفق لأبي بكر فلا يستحق قتلا ولا ذما على أن قوله: " مثلها " يقتضي وقوعها على الوجه الذي وقعت عليه وكيف يكون ما وقع من غير مشاورة لضرورة داعية وأسباب موجبة مثلا لما وقع بلا مشاورة، ومن غير ضرورة ولا أسباب! والذي رواه عن أهل اللغة من أن آخر يوم من شوال يسمى فلتة من حيث لم يدرك فيه ثاره فإنا لا نعرفه، والذي نعرفه من القوم أنهم يسمون الليلة التي ينقضي بها أحد
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»