وعليكما ثيابكما، قلنا نعم، قال: وكيف بذلك وأنتما ملبسان ثيابكما؟
قلنا له: يا أمير المؤمنين وما بال الثياب؟ قال: خوف الإذاعة من الثياب، فقلت له: أتخاف الإذاعة من الثياب فأنت والله من ملبسي الثياب أخوف وما الثياب أردت! قال: هو ذاك، فانطلق وانطلقنا معه حتى انتهينا إلى رحله فخلى أيدينا من يده، ثم قال: لا تريما (1) ثم دخل، فقلت للمغيرة: لا أبا لك لقد عثرنا بكلامنا وما كنا فيه، وما أراه حبسنا إلا ليذاكرنا إياها قال: فإنا لكذلك إذ خرج علينا آذنه فقال:
ادخلا فدخلنا، فإذا عمر مستلق على برذعة الرحل (2) فلما دخلنا أنشأ يتمثل بيت كعب بن زهير (3):
لا تفش سرك إلا عند ذي ثقة * أولى وأفضل ما استودعت أسرارا صدرا رحيبا وقلبا واسعا صمتا * لا تخش منه إذا أودعت اظهارا (4) فلما سمعناه يتمثل بالشعر علمنا أنه يريد أن نضمن له كتمان حديثه، فقلنا له: يا أمير المؤمنين أكرمنا وخصنا ووصلنا قال: بماذا يا أخا الأشعرين (5)؟ قلنا: بإفشاء سرك إلينا وأشركنا في همك فنعم المستسران (6) نحن لك، فقال: إنكما لكذلك، فاسألا عما بدا لكما.