الزبرقان إلى أبي بكر الكلام فأرسل إلي فأتيته فذكر لي ذلك ثم قال: إنك لمتشوف (1) إليها يا ابن الخطاب فقلت وما يمنعني من التشوف لذلك فذكر أحق به فمن غلبني عليه، أما والله لتكفن أو لأقولن كلمة بالغة بي وبك في الناس يحملها الركبان حيث ساروا، وإن شئت استدمنا ما نحن فيه عفوا، فقال: إذا نستديمها على أنها صائرة إليك إلى أيام، فما ظننت أنه يأتي عليه جمعة حتى يردها على فتغافل والله فما ذكر لي والله بعد ذلك المجلس حرفا حتى هلك، ولقد مد في أمدها عاضا على نواجذه حتى حضره الموت فأيس منها فكان منه ما رأيتما، ثم قال: اكتما ما قلت لكما عن بني هاشم (2) خاصة وليكن منكم حيث أمرتكما إذا شئتما على بركة الله فمضينا ونحن نعجب من قوله، ووالله ما أفشينا سره حتى هلك (3) فكأني بهم عند سماع هذه الأخبار يستغرقون ضحكا تعجبا، واستبعادا وانكارا، ويقولون: كيف نصغي إلى هذه الأخبار، ومعلوم ضرورة تعظيم عمر لأبي بكر ووفاقه له، وتصويبه لإمامته، وكيف يطعن عمر في إمامة أبي بكر وهي أصل لإمامته، وقاعدة لولايته، وليس هذا بمنكر ممن طمست العصبية على قلبه وعينه، فهو لا يرى ولا يسمع إلا ما يوافق اعتقادات مبتدأة قد اعتقدها، ومذاهب فاسدة قد انتحلها، فما بال هذه الضرورة تخصهم ولا تعم من خالفهم، ونحن نقسم بالله على أنا لا نعلم ما يدعونه، ونزيد على ذلك بأنا نعتقد أن الأمر بخلافه، وليس في طعن عمر على بيعة أبي بكر ما يؤدي إلى فساد إمامته، لأنه يمكن أن يكون
(١٣٥)