فأما القدح في رواية ما ذكرناه من الأخبار، فأول ما فيه إن أكثر ما رويناه هاهنا وارد من طرق العامة ومسند إلى من لا يتهمونه ولا يجرحونه، ومن تأمل ذلك علمه، ثم ليس يقنع في جرح الرواة بمحض الدعوى دون أن يشار إلى أمور معروفة، وأسباب ظاهرة، وإذا روى الخبر من ظاهره العدالة والتدين لم يقدح فيه ما جرى هذا المجرى من القدح.
فإن قيل: هذا يؤدي إلى الشك في ارتفاع كل خلاف.
قلنا: إن كان الطريق فيما تشيرون إليه يجري مجرى ما يتكلم عليه في هذا الباب فلا سبيل إلى القطع على انتفائه وكيف يقطع على انتفاء أمر وهو مروي منقول، وإنما يقطع على ذلك في الموضع الذي لا يوجد فيه نقل الخلاف ولا رواية النكير.
فإن قيل: الشئ إذا كان مما يجب ظهوره إذا كان فإنا نستدل بانتفاء ظهوره على انتفائه ولا نحتاج إلى أكثر من ذلك، ولهذا نقول: لو كان القرآن عورض لوجب أن تظهر معارضته على حد ظهور القرآن، فإذا لم نجدها ظاهرة قطعنا على انتفائها، ولو روى لنا راو من طرق الآحاد أن معارضته وقعت لم يلتفت إلى روايته، وهذه سبيل ما يدعونه من النكير الذي لم يثبت، ولم يظهر.
قلنا: قد شرطت شرطا كان ينبغي أن تراعيه، وتوجدناه فيما اختلفنا فيه، لأنك قلت: إن كل أمر لو كان لوجب ظهوره متى لم يظهر يجب القطع على انتفائه، وهذا صحيح وبه تبطل معارضة القرآن على ما ذكرت، لأن الأمر في أنها لو كانت لوجب ظهورها واضح، وعليه يبتني الكلام، وليس هذا موجودا في النكير على أصحاب الاختيار لأنك لا تقدر على أن تدل أن نكيرهم يجب ظهوره لو كان، وأن الداعي إليه داع إلى إظهاره، بل الأمر بخلاف ذلك، لأن الانكار على مالك الحل والعقد،