قبل القوم ممن يدعي أنه كان مقيما على خلافهم ومنكرا لأمرهم.
فأما بناؤه العقد الأول على الثاني، وأنه لما ظهر في الثاني من الرضى والانقياد لطول الأيام وتماديها ما لم يظهر في الأول جاز أن يجعل أصلا له فالكلام على العقد الأول الذي ذكرناه مستمر في الثاني بعينه، لأن خلاف من حكينا خلافه وروينا عنه ما روينا هو خلاف في العقدين جميعا، ثم لو سلمنا ارتفاع الخلاف على ما اقترح لكان ذلك لا يدل على الرضا إذا بينا ما أحوج إليه وألجأ إلى استعماله.
فأما كلامه في سعد بن عبادة وتشككه في موته، وهل كان متقدما أو متأخرا فمما لا يحتاج إليه، لأن الخلاف لم يكن من سعد وحده فينعقد الإجماع بعد موته، وخلاف غير سعد في هذا الباب هو المعول عليه ممن بقي واستمر خلافه، على أن سعدا لما مات لم يمت ولده ولا أقاربه، ومعلوم أن هؤلاء امتنعوا من البيعة كامتناع سعد.
وأما قوله: (إن سعدا لا يعتد به من حيث طلب الإمامة لنفسه، وكان مبطلا في ذلك واستمر على هذه الطريقة فلا اعتبار بخلافه) فليس بشئ يعول على مثله، لأنا قد بينا فيما تقدم، أن الذي عول عليه صاحب الكتاب وأصحابه في دفع الأنصار عن الأمر لم يثبت ثبوتا يقتضي أن يقطعوا معه على أن مذهب سعد في طلب الإمامة لنفسه باطل، وأنهم إنما عولوا في صحة الخبر المروي في هذا الباب على الإجماع، وتسليم الأمة، ولا إجماع مع خلاف سعد وذويه (1) ولا نعمل إلا على أن سعدا كان مبطلا في طلب الإمامة لنفسه على غاية ما يقترح، فلم لا يعتد بخلافه وهو خالف في أمرين أحدهما أنه اعتقد أن الإمامة تجوز للأنصار،