الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٣٢
والأمر الآخر أنه لم يرض بإمامة أبي بكر ولا بايعه، وهذان خلافان ليس كونه مبطلا في أحدهما يقتضي أن يكون مبطلا في الآخر، وليس أحدهما مبنيا على صاحبه فيكون في إبطال الأصل إبطال الفرع، لأن من ذهب إلى أن الإمامة تجوز في غير قريش، لا يمنع من جوازها لقريش فكيف تجعل امتناعه من بيعة قريش مبنيا على أصله في أن الإمامة تجوز في غير قريش.
فأما قوله: (إن سعدا وحده لا يكون محقا ولا يمكن أن يقال: إن خروجه مما عليه الأمة يؤثر في الإجماع) فعجيب لأنا لا نعلم من أي وجه استبعد أن يكون سعد وحده محقا من بين سائر الأمة، وهل سعد في ذلك إلا كغيره ممن يجوز أن يخالف جمهور الأمة فلا يعد القول إجماعا لموضع خلافه.
فأما قوله: (إن الخلاف الواحد والاثنين لا يعتبر به من حيث لا يجوز أن يكون سبيلا للمؤمنين، وقول الجماعة يصح ذلك فيه) فأول ما فيه أنه قد كان لسعد من ولده من يجوز أن يتناوله الكنايات عن الجماعات، لأن أقل من يتناوله الكناية ثلاثة فصاعدا.
وبعد، فإن أمير المؤمنين (1) إذا كان اسما مستغرقا لجميع من يستحق هذا الاسم فمعلوم أنه يكون مجازا متى عبر به عن بعضهم، والواحد والاثنان إذا خرجا من جملة المؤمنين لم يكن هذا الاسم متناولا للباقين على الحقيقة، وكان مجازا فيهم وإذا جاز لصاحب الكتاب أن يجريه مجازا على بعض المؤمنين جاز لغيره أن يجريه مجازا على الواحد والاثنين.
فأما قوله في سعد: (هذا إن صح أنه بقي على الخلاف لأنه لا يمتنع

(1) يعني المأمور باتباع سبيلهم.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»