هذه الجملة التي ذكرناها وجب أن يكون إجماع العترة حجة، لأنه لو لم يكن بهذه الصفة لم يجب ارتفاع الضلال عن التمسك بالعترة على كل وجه، وإذا كان صلى الله عليه وآله قد بين أن المتمسك بالعترة لا يضل ثبت ما ذكرناه.
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون صلى الله عليه وآله إنما نفى الضلال عمن يتمسك بالكتاب والعترة معا فمن أين أن المتمسك بالعترة وحدها بهذه الصفة؟
قلنا: لولا أن المراد بالكلام أن المتمسك بكل واحد من الكتاب والعترة لا يضل لكان لا فائدة في إضافة ذكر العترة إلى الكتاب، لأن الكتاب إذا كان حجة فلا معنى لإضافة ما ليس بحجة إليه، والقول في الجميع أن المتمسك بهما محق، لأن هذا حقيقة العبث على أن إضافة العترة إذا لم تكن في قولهم الحجة كإضافة غيرهم من سائر الأشياء فأي معنى لتخصيصهم، والتنبيه عليهم، والقطع على أنهم لا يفترقون حتى يردوا القيامة؟ وهذا مما لا إشكال في سقوطه، وإذا صح أن إجماع أهل البيت حجة قطعنا على صحة كل ما اتفقوا عليه، ومما اتفقوا عليه القول بإمامة أمير المؤمنين بعد النبي صلى الله عليه وآله بلا فصل على اختلافهم في حصول ذلك بنص جلي أو خفي أو بما يحتمل التأويل أو لا يحتمله؟
فإن قيل: كيف تدعون الإجماع من أهل البيت على ما ذكرتم، وقد رأينا كثيرا منهم يذهب مذهب المعتزلة في الإمامة.
قلنا: أما نحن فما رأينا أحدا من أهل البيت يذهب إلى خلاف ما ذكرناه، وكل من سمعنا عنه فيما مضى بخلاف ما حكيناه، فليس أولى إذا صح ذلك عنه ممن يعترض بقوله على الإجماع لشذوذه، وأكثر من يدعى عليه هذا القول الواحد والاثنان، وليس بمثل هذا اعتراض على الإجماع، ثم إنك لا تجد أحدا ممن يدعى عليه هذا من جملة علماء أهل البيت عليهم السلام ولا من ذوي الفضل منهم، ومتى فتشت عن أمره وجدته متعرضا