الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٥٦
المخصوص لا يجب لأحد من رعيتهم، فليس يلزم ما أوردته من عصمتهم قياسا على عصمة الأئمة فأما التأسي بالعاصي مع كون المتأسي مطيعا أو غير عاص فإنه غير صحيح، لأن التأسي لا يصح إلا مع وقوع فعل المتأسي على الوجه الذي وقع عليه فعل المتأسى به، وإذا كان لا بد من اعتبار وجوه الأفعال لم يصح أن يكون المطيع متأسيا بالعاصي وما لا نزال نقوله من نصر هذا المذهب من أن المصطحبين في طريق واحد يكون أحدهما متأسيا بصاحبه في سلوكه وإن كان أحدهما ذاهبا إلى البيعة (1) والآخر متوجها في طاعة أو مباح، وقولهم: إن زيدا قد يتأسى بعمرو وكان أحدهما آكلا من حل والآخر آكلا من حرام غير صحيح، لأن المعتبر في التأسي إذا كان بالوجوه التي يقع عليها الأفعال لم يكن الآكل من حل متأسيا بآكل الحرام، ولا الساعي في طاعة متأسيا بالساعي إلى البيعة، ولو كان ما ذكره صحيحا لوجب أن يكون كل فعل وافق ظاهره فعل آخر واقعا من فاعله على جهة التأسي بالفاعل الآخر، وهذا يوجب أن يكون الآخذ من غيره ما لا على جهة الغصب أو القرض متأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله متى أخذ مثل مبلغ ذلك المال منه على جهة الزكاة أو العشر لأن المعتبر عند من نحن في الرد عليه إنما هو بظاهر الفعل، وقد اتفق ظاهر الفعلين اللذين ذكرناهما في باب أخذ المال فيجب أن يثبت فيه معنى التأسي، وهذا مما لا شبهة في بطلانه قال صاحب الكتاب بعد أن ذكر طريقتين في وجوب النص إحداهما تعود إلى معنى بعض ما تقدم وأحال في الكلام عليها على ما مضى من كلامه والأخرى متعلقة بالاختيار والكلام في صفة المختارين وعددهم،

(1) البيعة - بكسر الباء الموحدة وسكون المثناة التحتية وفتح العين المهملة -:
كنيسة النصارى وجمعها بيع. وفي المخطوطة " إلى البغي، خ ل ".
(٥٦)
مفاتيح البحث: الزكاة (1)، الوجوب (1)، البيع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»