الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٥٨
وصفاته التي هذه سبيلها قد تقدم الكلام فيها.
فأما قولك في الصلاة والصيام: (أن الاجتهاد فيهما لا يمتنع أن يجب عقلا) فهذا انما هو بنيته على مذهبك في جواز الاجتهاد وصحته وقد تقدم طرف مما يبطل ذلك، ومن ارتكب في الصلاة وما أشبهها ما ارتكبه صار الكلام عليه في الإمامة وهذه الأركان واحدا، وبطل أن يحمل أحد الأمرين على الآخر وآل الأمر معه إلى الموافقة على أن الصلاة والإمامة تختصان بصفتين لا مجال للاجتهاد فيهما.
قال صاحب الكتاب: " وبعد فإن الصلاة إنما وقع النص منه عليه السلام على صفتها، ولذلك يجوز في كل صلاة معينة أن تكون واقعة على وجه الغلط ولا يجوز ذلك في الصفة والشرط فكأنه عليه السلام بين صفتها وشروطها (1) ثم ألزم المكلف اختيارها على الوجه الذي يحصل معه إصابة صفتها وشروطها، وكذلك نقول في الإمام لأنه لا يمتنع منه عليه السلام أن يبين صفته وشروطه ثم يلزم المكلف على وجه يصيب الصفة والشرط، فإن كانت الصفة والشرط حاصلين في جماعة اختير الواحد منهم كما أن صفة الصلاة وشروطها إذا صحتا في أفعال فهو مخير فيها فقد بان بما قدمناه أنا لو جعلنا الصلاة أصلا لما نقوله في الإمامة لكانت (2) أقرب مما ذكروه (3)... ".
يقال له: إنما جاز ما ذكرته في الصلاة من حيث أمكن المكلف أن يصيب صفتها وشروطها ويميز صحيحها من فاسدها من جملة أفعاله، والإمام لا يمكن مثل ذلك فيه، لأن من صفاته ما لا يمكن أن يستدرك

(1) غ " وشرطها ".
(2) غ " لكان ".
(3) المغني 20 ق 1 / 110.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»