الاستشهاد به لأن لفظة عبدي وإن كانت متكررة فيه فإنها لما وردت أولا موصولة بفلان جرت مجرى المفسر المصرح الذي هو ما تضمنته المقدمة في خبر الغدير من لفظ أولى، ثم لما وردت من بعد غير موصولة حصل فيها احتمال واشتباه لم يكن في الأول فصارت كأنها لفظة أخرى تحتمل ما تقدم وتحتمل غيره، وجرت مجرى لفظة مولى من خبر الغدير في احتمالها لما تقدم ولغيره، على أنا لو جعلنا مكان قوله: فاشهدوا أن عبدي حر أشهدوا أن غلامي أو مملوكي حر لزالت الشبهة في مطابقة المثال للخبر، وإن كان لا فرق في الحقيقة بين لفظة عبدي إذا تكررت وبين ما يقوم مقامها من الألفاظ في المعنى الذي قصدناه.
فإن قال: ما تنكرون من أن يكون إنما قبح أن يريد القائل الذي حكيتم قوله بلفظة عبدي الثانية والتي تقوم مقامها من عدا المذكور الأول الذي قررهم بمعرفته من حيث تكون المقدمة إذا أراد ذلك لا معنى لها ولا فائدة فيها، ولأنه أيضا لا تعلق لها بما عطف عليها بالفاء التي تقتضي التعلق بين الكلامين، وليس هذا في خبر الغدير لأنه إذا لم يرد بلفظة مولى أولى وأراد أحد ما يحتمله من الأقسام لم تخرج المقدمة من أن تكون مفيدة ومتعلقة بالكلام الثاني لأنها تفيد التذكير بوجوب الطاعة، وأخذ الاقرار بها ليتأكد لزوم ما يوجبه في الكلام الثاني لهم ويصير معنى الكلام إذا كنت أولى بكم وكانت طاعتي واجبة عليكم فافعلوا كذا وكذا، فإنه من جملة ما آمركم بطاعتي فيه، وهذه عادة الحكماء فيما يلزمونه من يجب عليه طاعتهم فافترق الأمران، وبطل أن يجعل حكمهما واحدا.
قيل له: لو كان الأمر على ما ذكرت لوجب أن يكون متى حصل في المثال الذي أوردناه فائدة لمقدمته وإن قلت وتعلق بين المعطوف والمعطوف