الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
قيل له: إنما يحكم في اللفظ بأنه مستعمل في اللغة على وجه الحقيقة بأن يظهر استعماله فيها من غير أن يثبت ما يقتضي كونه مجازا من توقيف من أهل اللغة أو ما يجري مجرى التوقيف، فأصل الاستعمال يقتضي الحقيقة وإنما يحكم في بعض الألفاظ المستعملة بالمجاز لأمر يوجب علينا الانتقال عن الأصل.
وأما الذي يدل على أن المراد بلفظة مولى في خبر الغدير الأولى، فهو أن من عادة أهل اللسان في خطابهم إذا أوردوا جملة مصرحة وعطفوا عليها بكلام محتمل لما تقدم التصريح به ولغيره لم يجز أن يريدوا بالمحتمل إلا المعنى الأول، يبين صحة ما ذكرناه أن أحدهم إذا قال مقبلا على جماعة ومفهما لهم وله عدة عبيد: ألستم عارفين بعبدي فلان؟ ثم قال عاطفا على كلامه: فاشهدوا أن عبدي حر لوجه الله تعالى، لم يجز أن يريد بقوله: عبدي بعد أن قدم ما قدمه إلا العبد الذي سماه في أول كلامه دون غيره من سائر عبيده، ومتى أراد سواه كان عندهم ملغزا خارجا عن طريقة البيان ويجري قوله: فاشهدوا أن عبدي حر، عند جميع أهل اللسان مجرى قوله: فاشهدوا أن عبدي فلانا حر إذا كرر مجرى تسميته وتعيينه، وهذه حال كل لفظ محتمل عطف على لفظ مفسر على الوجه الذي صورناه، فلا حاجة بنا إلى تكثير الأمثلة منه.
فإن قال: وكيف يشبه المثال الذي أوردتموه خبر الغدير وإنما تكررت فيه لفظة عبدي غير موصوفة على سبيل الاختصار بعد أن تقدمت موصوفة وخبر الغدير لم يتكرر فيه لفظة واحدة، وإنما وردت لفظة مولى فادعيتم أنها تقوم مقام أولى المتقدمة.
قيل له: إنك لم تفهم موقع التشبيه بين المثال وخبر الغدير وكيفية
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»