الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٧٨
وأمرهم ونهيهم، والوجه الآخر أنه إذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله أراد بما قدمه من كونه أولى بالخلق من نفوسهم أنه أولى بتدبيرهم وتصريفهم من حيث وجبت طاعته عليهم بلا خلاف وجب أن يكون ما أوجبه لأمير المؤمنين عليه السلام في الكلام الثاني جاريا ذلك المجرى لأنه صلى الله عليه وآله بتقديم ما قدمه يستغني عن أن يقول: فمن كنت أولى به في كذا وكذا فعلي أولى به فيه، كما أنه بتقديم ما قدمه استغنى عن أن يصرح بلفظة أولى إذ أقام مقامها لفظة مولى والذي يشهد بصحة ما قلناه إن القائل من أهل اللسان إذا قال: فلان وفلان - وذكر جماعة - شركائي في المتاع الذي من صفته كذا، ثم قال عاطفا على كلامه: فمن كنت شريكه فعبد الله شريكه، اقتضى ظاهر لفظه أن عبد الله شريكه في المتاع الذي قدم ذكره، وأخبر أن الجماعة شركاؤه فيه، ومتى أراد أن عبد الله شريكه في غير الأمر الأول كان سفيها عابثا ملغزا.
فإن قال (1): إذا سلم لكم إنه عليه السلام أولى بهم بمعنى التدبير ووجوب الطاعة من أين لكم عموم وجوب فرض طاعته في جميع الأمور التي تقوم بها الأئمة؟ ولعله أراد أنه أولى بأن يطيعوه في بعض الأشياء دون بعض.
قيل له: الوجه الثاني الذي ذكرناه في جواب سؤالك المتقدم يسقط هذا السؤال ومما يبطله أيضا أنه إن أثبت له عليه السلام فرض طاعته على جميع الخلق في بعض الأمور دون بعض وجبت إمامته، وعموم فرض طاعته، لأنه معلوم أن من وجبت على جميع الناس طاعته، وامتثال تدبيره، لا يكون إلا الإمام، ولأن الأمة مجمعة على أن من هذه صفته هو

(1) فإن قيل، خ ل.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»