الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٦٧
لأجله فمن يسلك طريقتنا يجب أن نمنعه من الثقة بالاجماع وتمسكه به.
فإن قال: جميع ما ذكرتموه إنما يصح في متن الخبر أعني هو قوله صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) دون المقدمة المتضمنة للتقرير لأن أكثر من روى الخبر لم يروها (1) والإطباق من العلماء على القبول واستعمال التأويل غير موجود فيها لأنكم تعلمون خلاف خصومكم فيها وإنشاد أمير المؤمنين عليه السلام أهل الشورى لم يتضمنها في شئ من الروايات، ودليلكم على إيجاب الإمامة من الخبر متعلق بها فدلوا على صحتها.
قيل له: ليس ينكر أن يكون بعض من روى خبر الغدير لم يذكر المقدمة إلا أن من أغفلها ليس بأكثر ممن ذكرها ولا يقاربه، وإنما حصل الاخلال بها من آحاد من الرواة، ونقلة الشيعة كلهم ينقلون الخبر بمقدمته، وأكثر من شاركهم من رواة أصحاب الحديث أيضا ينقلون المقدمة ومن تأمل نقل الخبر وتصفحه علم صحة ما ذكرناه، وإذا صح فلا نكير في إغفال من أغفل المقدمة، لأن الحجة تقوم بنقل من نقلها، بل ببعضهم.
فأما إنشاد أمير المؤمنين عليه السلام أهل الشورى وخلوه من ذكر المقدمة فلا يدل على نفيها أو الشك في صحتها لأنه عليه السلام قررهم من الخبر بما يقتضي الاقرار بجميعه على سبيل الاختصار، ولا حاجة به إلى أن يذكر القصة من أولها إلى آخرها وجميع ما جرى فيها لظهورها، ولأن الاعتراف بما اعترف به منها هو اعتراف بالكل، وهذه عادة الناس

(1) يريد بالمقدمة قوله صلى الله عليه وآله: (ألست أولى بكم من أنفسكم؟).
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»