الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٦٨
فيما يقررونه، ألا ترى أن أمير المؤمنين لما أن قررهم في ذلك المقام بخبر الطائر في جملة الفضائل والمناقب اقتصر على أن قال: (أفيكم رجل قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم ابعث إلي بأحب خلقك يأكل معي، غيري) ولم يذكر إهداء الطائر (6) وما تأخر عن هذا القول من كلام الرسول وكذلك لما أن قررهم صلوات الله عليه بقول الرسول صلى الله عليه وآله فيه لما ندبه لفتح خيبر ذكر بعض الكلام دون بعض ولم يشرح القصة وجميع ما جرى فيها وإنما اقتصر عليه السلام على القدر المذكور اتكالا على شهرة الأمر وأن في الاعتراف ببعضه اعترافا بكله، ولا ينكر أن يكون هذه علة من أغفل رواية المقدمة من الرواة، فإن أصحاب الحديث كثيرا ما يقولون فلان يروي عن الرسول صلى الله عليه وآله كذا فيذكرون بعض لفظ الخبر والمشهور منه على سبيل الاختصار، والتعويل على ظهور الباقي، فإن الجميع يجري مجرى واحدا، وسنبين فيما بعد بعون الله ما يفتقر من الأدلة على إيجاب الإمامة من خبر الغدير إلى المقدمة وما لا يفتقر إليها إن شاء الله.
وأما الدليل على أن لفظ (مولى) تفيد في اللغة أولى فظاهر لأن من كان له أدنى اختلاط باللغة وأهلها يعرف أنهم يضعون هذه اللفظة مكان أولى كما أنهم يستعملونها في ابن العم، وما المنكر لاستعمالها في الأولى إلا

(٦) إجمال حديث الطائر أنه أهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله طائر مشوي بين رغيفين فقال صلى الله عليه وآله: (اللهم ائتني بأحب خلقك إليك) وفي رواية (وإلى رسولك يأكل معي من هذا) فجاء علي عليه السلام... الحديث وقد رواه جماعة من أصحاب المسانيد والسنن باختلاف يسير ومعنى واحد منهم الترمذي ٢ / ٢٩٩، والخطيب في التاريخ ٣ / ١٧١ و ٩ / ٣٦٩ والحاكم في المستدرك ٣ / ١٣٠ و ١٣١ وأبو نعيم في الحلية ٦ / ٣٣٩ وابن الأثير في أسد الغابة ٤ / 30 وقال: " وقد رواه عن أنس غير واحد ".
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»