فيما يقررونه، ألا ترى أن أمير المؤمنين لما أن قررهم في ذلك المقام بخبر الطائر في جملة الفضائل والمناقب اقتصر على أن قال: (أفيكم رجل قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم ابعث إلي بأحب خلقك يأكل معي، غيري) ولم يذكر إهداء الطائر (6) وما تأخر عن هذا القول من كلام الرسول وكذلك لما أن قررهم صلوات الله عليه بقول الرسول صلى الله عليه وآله فيه لما ندبه لفتح خيبر ذكر بعض الكلام دون بعض ولم يشرح القصة وجميع ما جرى فيها وإنما اقتصر عليه السلام على القدر المذكور اتكالا على شهرة الأمر وأن في الاعتراف ببعضه اعترافا بكله، ولا ينكر أن يكون هذه علة من أغفل رواية المقدمة من الرواة، فإن أصحاب الحديث كثيرا ما يقولون فلان يروي عن الرسول صلى الله عليه وآله كذا فيذكرون بعض لفظ الخبر والمشهور منه على سبيل الاختصار، والتعويل على ظهور الباقي، فإن الجميع يجري مجرى واحدا، وسنبين فيما بعد بعون الله ما يفتقر من الأدلة على إيجاب الإمامة من خبر الغدير إلى المقدمة وما لا يفتقر إليها إن شاء الله.
وأما الدليل على أن لفظ (مولى) تفيد في اللغة أولى فظاهر لأن من كان له أدنى اختلاط باللغة وأهلها يعرف أنهم يضعون هذه اللفظة مكان أولى كما أنهم يستعملونها في ابن العم، وما المنكر لاستعمالها في الأولى إلا