الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٦٢
والجمل وصفين، وما جرى مجرى ذلك من الأمور الظاهرة التي نقلها الناس قرنا بعد قرن بغير إسناد معين، وطريق مخصوص، والضرب الآخر يعتبر فيه اتصال الأسانيد كأكثر أخبار الشريعة، وقد اجتمع في خبر الغدير الطريقان معا مع تفرقهما في غيره من الأخبار، على أن ما اعتبر في نقله من أخبار الشريعة اتصال الأسانيد لو فتشت جميعه لم تجد رواته إلا الآحاد، وخبر الغدير قد رواه بالأسانيد الكثيرة المتصلة الجمع الكثير فمزيته ظاهرة، ومما يدل على صحة الخبر إطباق علماء الأمة على قبوله، ولا شبهة فيما ادعيناه من الإطباق، لأن الشيعة جعلته الحجة في النص على أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة، ومخالفوا الشيعة تأولوه على خلاف الإمامة على اختلاف تأويلاتهم، فمنهم من يقول أنه يقتضي كونه الأفضل، ومنهم من يقول: إنه يقتضي موالاته على الظاهر والباطن، وآخرون يذهبون فيه إلى ولاء العتق ويجعلون سببه ما وقع من زيد بن حارثة وابنه أسامة من المشاجرة، إلى غير ما ذكرناه من ضروب التأويلات والاعتقادات.
وما نعلم أن فرقة من فرق الأمة ردت هذا الخبر واعتقدت بطلانه، وامتنعت من قبوله، وما تجمع الأمة عليه لا يكون إلا حقا عندنا وعند مخالفينا، وإن اختلفنا في العلة والاستدلال.
فإن قال: فما في تأويل مخالفيكم للخبر ما يدل على تقبلهم له، أوليس قد يتأول المتكلمون كثيرا مما يقبلونه كأخبار المشبهة وأصحاب الرؤية فما المانع من أن يكون في الأمة من يعتقد بطلانه أو يشك في صحته.
قيل له: ليس يجوز أن يتأول أحد من المتكلمين خبرا يعتقد
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»