الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٦
معصوما، ولا يتفق لهم إلا اختيار المعصوم، فيحسن تكليفهم الاختيار مع العلم بما ذكرناه من حالهم.
قلنا: ليس ما ذكرتموه بمخرج هذا التكليف من اللحوق بتكليف ما لا يطاق، ولا دليل عليه ولا معتبر بالعلم في هذا الباب، لأن علم الله تعالى من حال المكلف أنه يتفق له اختيار المعصوم ليس بدلالة على عين الإمام المعصوم، فقد آل الأمر إلى أنه تكليف لما لا دليل عليه، وقبح ذلك ظاهر.
وقد عورض من أجاز ما تضمنه هذا السؤال، وألزم إجازة تكليف اختيار الشرائع والأنبياء، والأخبار عما كان ويكون من الغائبات إذا علم أن من كلف ذلك يتفق له في الشرائع ما فيه المصلحة، وفي الأنبياء من يجب بعثه، وفي الأخبار الصدق منها دون الكذب، ولا فرق بين من أجاز اختيار المعصوم وبين من أجاز كل ما ذكرناه.
وفي الناس من ارتكب جواز اختيار الشرائع والأنبياء، وقد حكي ذلك عن مؤنس بن عمران (1).
فأما الأخبار عما لا يتعلق بالأحكام من الأمور الكائنات فإنه لم يتركب حسن تكليفها ولا فرق بين ما ارتكبه مما حكيناه وبين ما لم يرتكبه،

(١) في " الشافي " المخطوط " مؤيس بن عمران " وفي المطبوع " يونس " تصحيف، وهو كما في طبقات المعتزلة ص ٧٠ مؤيس بن عمران الفقيه قال: وكان يقول بالارجاء " ونقل القاضي في المغني ١٢ / 238 " إن الله تعالى يجوز أن يكلف العبد باختياره إذا علم أنه لا يختار إلا الصلاح " قال " وأنكر ذلك المعتزلة " وفي " تلخيص الشافي " ج 1 / 277 " موسى بن عمران " وعلق السيد بحر العلوم دامت إفاداته على ذلك بقوله: " في نفس الشافي: يونس بن عمران - من علماء الكلام - ولعله الأصح ". ولكن الصحيح في اسمه ما تقدم.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»