كان: كل من لا يعرف الإمام لا يتمكن من معرفته ولا سبيل له إلى الانتفاع به، فأما والأمر بخلاف ذلك فلا إشكال في لزوم الحجة له بتفريطه. وهذا كما يقوله جماعتنا في المعرفة: إن حصولها هو اللطف، ولا عذر لمن لم تحصل له إذا فرط في التوصل إليها من حيث كان متمكنا من تحصيلها.
فأما إلزامه إيجاب أئمة عدة بحسب حاجة المكلفين (1) فغير لازم لو فطن لموضع عمدتنا، لأن الذي يقتضيه العقل والاعتبار الذي ذكرناه اللطف بوجود الرئاسة لا عددا مخصوصا فيها، ولا رئاسة مخصوصة، وإنما يرجع في صفات الرؤساء وأعدادهم إلى أدلة أخر، فليس يمتنع قيام الدليل على أن الإمام يجب أن يكون واحدا في العالم، ويكون أمراؤه وخلفاؤه في الأطراف - إذا كان من ورائهم - يغنون عن وجود جماعة من الأئمة، وكل ذلك غير قادح في أن الرئاسة لطف على ما ذهبنا إليه.
فأما قوله: " لأنهم إذا قالوا: إن الإمام واحد ففي الحال التي تظهر إمامته لا يخلو من أن يقف كل (2) العالم عليه، أو بعضهم، ووقوف الجميع غير ممكن، فيجب أن تكون العلة غير مزاحة، إلى آخر كلامه (3)... ".
فأول ما نقول في ذلك: إنا لا نوجب إمامة واحد في الزمان بالدليل الذي دلنا على وجوب الرئاسة في الجملة، وإنما المرجع في ذلك إلى أمور أخر