التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ٧٨
المانع لهم عن الايمان، لكان ذلك من أعظم الاعذار، وأقوى الوجوه الدافعة للعقاب عنهم.
فلما لم يكن كذلك علمنا أنه تعالى غير مانع.
وقال تعالى حكاية عن الكفار (وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر) (1) وإنما ذكر الله تعالى ذلك ذما لهم في هذا القول، فلو كان أنه تعالى المانع لكانوا صادقين في ذلك. فلم ذمهم عليه؟ وقال تعالى: (نعم المولى ونعم النصير) (2) و لو كان مع قيام المانع عن الايمان، كلف به ثم عذب على تركه، لما كان نعم المولى ، بل كان بئس المولى.
ومعلوم أن ذلك كفر، فثبت أنه ليس عن الايمان والطاعة مانع البتة.
وأيضا أنه سبحانه لو كان فاعلا للكفر لجاز منه اظهار المعجز على يد الكذاب، فكان لا يبقى كون القرآن حجة، فكيف نتشاغل بمعانيه وتفسيره!.
وقال تعالى: (إلا إبليس أبى واستكبر) (3).
قالت العدلية: إن الله تعالى لما استثنى إبليس من الساجدين، فكان يجوز أنه يظن أنه كان معذورا في ترك السجود، فبين تعالى أنه لم يسجد مع القدرة، وزوال العذر بقوله: (أبى) لان الاباء هو

1 فصلت (5).
2 الأنفال (40).
3 البقرة (34).
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»