الثاني: أن الاستعاذة إنما تحسن من الله تعالى إذا لم يكن الله تعالى خالقا للأمور التي منها يستعاذ.
أما إذا كان الفاعل لها هو الله تعالى امتنع أن يستعاذ بالله منها، لان على هذا التقدير يصير كان العبد استعاذ بالله من الله، في عين ما يفعله الله.
الثالث: أن الاستعاذة بالله من المعاصي تدل على أن العبد غير راض بها، ولو كانت المعاصي تحصل بتخليق الله تعالى، وقضائه، وحكمه وجب على العبد كونه راضيا بها، لما ثبت بالاجماع أن الرضاء بقضاء الله واجب.
الرابع: ان الاستعاذة بالله من الشيطان إنما تعقل وتحسن لو كانت تلك الوسوسة فعلا للشيطان، أما إذا كانت فعلا لله ولم يكن للشيطان في وجودها اثر البتة، فكيف يستعاذ من شر الشيطان، بل الواجب أن يستعاذ على هذا التقدير من شر الله تعالى، لأنه لا شر إلا من قبله.
الخامس: أن الشيطان يقول: إذا كنت ما فعلت شيئا أصلا، وأنت يا إله الخلق علمت صدور الوسوسة عني، ولا قدرة لي على مخالفة قدرتك، وحكمت بها علي، ولا قدرة لي على مخالفة حكمك، ثم