الناس حجوا بيت ربكم " فاسمع الله صوته كل من سبق علمه بالحج، بأنه يحج إلى يوم القيامة، فأجابوه بالتلبية، في أصلاب الرجال.
وفي حديث آخر " إن إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت جاءه جبرئيل عليه السلام فأمره أن يؤذن في الناس بالحج، فقال إبراهيم عليه السلام:
يا رب وما مبلغ صوتي، قال الله تعالى أذن وعلي البلاغ، فعلا إبراهيم عليه السلام المقام وأشرف حتى صار كأطول الجبال، وأقبل عليه يمينا وشمالا، وشرقا وغربا، ونادى: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت فأجيبوا ربكم، فأجابه من كان في أصلاب الرجال وأرحام النساء: لبيك اللهم لبيك ".
قال بعض الاعلام: وفيه إشارات لطيفة منها: أن إجابة من كان في الأصلاب والأرحام إشارة إلى ما كتب بقلم القضاء في اللوح المحفوظ من طاعة المطيع بهذه الدعوة على لسان إبراهيم عليه السلام، وما بعده من الأنبياء وهم المراد بالسماع الذين أجابوا دعوته لحجهم، وصدقوا ما بلغه عن ربه تعالى.
قوله (وأذنت لربها وحقت) [84 / 2] قال الشيخ أبو علي: الأذان الاستماع، يقول العرب: أذن لك هذا الامر إذنا بمعنى استمع لك، ومعنى (أذنت لربها) أي استمعت وأطاعت في الانشقاق، وانقادت لتدبير الله، وحق لها أن تأذن بالانقياد لامر ربها الذي خلقها وتطيع له. ثم قال في قوله (وأذنت لربها وحقت) [84 / 5] الثانية: ليس هذا تكرارا ولكن الأول في صفة السماء والثاني في صفة الأرض، وهذا كله من أشراط الساعة.
والاستيذان: طلب الاذن.
قال تعالى (ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) [24 / 58] الآية. أمر الله تعالى بأن يستأذن العبد والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم من الأحرار ثلاث مرات في اليوم والليلة، قبل صلاة الفجر لأنه وقت القيام من المضاجع ولبس الثياب، وبالظهيرة لأنه وقت وضع الثياب للقايلة وبعد صلاة العشاء لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم