مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ١ - الصفحة ٣٧٣
إذ لا معنى له.
وقد كثر الكلام في توجيهه، وأحسن ما قيل فيه هو: إن جميع العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى من صلاة وغيرها - قد عبد المشركون بها ما كانوا يتخذون من دون الله أندادا، ولم يسمع ان طائفة من طوائف المشركين وأرباب النحل في الأزمنة المتقدمة عبدت إلها بالصوم ولا تقربت إليه به، ولا عرف الصوم في العبادات إلا من الشرائع، فلذلك قال تعالى: الصوم لي ومن مخصوصاتي وأنا أجزي عليه بنفسي، لا أكله إلى أحد غيري من ملك مقرب ولا غيره، ويكون قوله: " وأنا أجزي عليه " بيانا لكثرة الثواب، ويكون مستثنى من قوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (1) هكذا روي الحديث، وروي بعبارة أخرى: " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي عليه " وعلى هذا فيمكن أن يقال فيه: هو أن معنى " كل عمل ابن آدم له " بحسب ما يظهر من أعماله الظاهرة بين الملا فإنها بحسب الظاهر له وإن كانت لله في الباطن، بخلاف الصوم فإنه لله تعالى لم يطلع عليه أحد سواه ولم يظهر لاحد غيره، فكان مما استأثر بعلمه دون غيره، وإذا كان بهذه المرتبة العظيمة عند العظيم الواسع كان هو العالم بالجزاء الذي يستحقه الصائم، وفيه من الترغيب مالا يخفى.
وقولهم: " جزاه الله خيرا " أي أعطاه الله جزاء ما أسلف من طاعته، والجازي - بالجيم والزاء -: منسوب إلى الجازية، قرية.
ج س أ في دعاء ختم القرآن: " وسهلت جواسي ألسنتنا بحسن عبارته " كأن المراد: ما صلب منها، من قولهم " جسيت يده من العمل تجسا جسا: " صلبت.
والاسم: الجسأة كالجرعة.
وفى بعض النسخ: " حواشي ألسنتنا "

(1) يذكر في " خمش " حديثا في آية: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) - ز
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الف 21
2 باب ب 145
3 باب ت 278
4 باب ث 305
5 باب ج 337
6 باب ح 438
7 باب خ 614