مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٩٥
انتفاء مضمون الجزاء في الخارج هي انتفاء مضمون الشرط من غير التفات إلى أن علة العلم بانتفاء الجزاء ما هي الا ترى ان قولهم لولا لامتناع الثاني لوجود الأول نحو " لولا على لهلك عمر " معناه ان وجود على سبب لعدم هلاك عمر لا ان وجوده دليل على أن عمر لم يهلك.
ولهذا صح مثل قولنا " لو جئتني لأكرمتك لكنك لم تجئ " أعني عدم الاكرام بسبب عدم المجئ، قال الحماسي " ولو طار ذو حافر قبلها، لطارت ولكنه لم يطر " يعنى ان عدم طيران تلك الفرس بسبب انه لم يطر ذو حافر قبلها، وقال أبو العلاء المعرى " ولو دامت الدولات كانوا كغيرهم، رعايا ولكن ما لهن دوام ".
واما المنطقيون فقد جعلوا، ان ولو، أداة اللزوم وانما يستعملونها في القياسات لحصول العلم بالنتائج فهي عندهم للدلالة على أن العلم بانتفاء الثاني علة للعلم بانتفاء الأول ضرورة انتفاء الملزوم بانتفاء اللازم من غير التفات إلى أن علة انتفاء الجزاء في الخارج ما هي وقوله تعالى " لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا " وارد على هذه القاعدة لكن الاستعمال على قاعدة اللغة هو الشائع المستفيض وتحقيق هذا البحث على ما ذكرناه من اسرار هذا الفن.
وفى هذا المقام مباحث أخرى شريفة أوردناها في الشرح وإذا كان لو للشرط في الماضي (فيلزم عدم الثبوت والمضي في جملتيها) إذ الثبوت ينافي التعليق والاستقبال ينافي المضي فلا يعدل في جملتيها عن الفعلية الماضوية الا لنكتة ومذهب المبرد انها تستعمل في المستقبل استعمال ان للوصل وهو مع قلته ثابت.
نحو قوله عليه السلام: " اطلبوا العلم ولو بالصين " و " انى أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط ".
(فدخولها على المضارع في نحو) واعلموا ان فيكم رسول الله (لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم) أي لوقعتم في جهد وهلاك (لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتا فوقتا).
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»