مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٠٧
مطلقا أي من غير اعتبار عموم ولا خصوص.
لأنا نقول لا نسلم ذلك فان عدم كون الشئ معتبرا في الغرض لا يستلزم عدم كونه مفادا من الكلام فالتعميم مفاد غير مقصود، ولبعضهم في هذا المقام تخيلات فاسدة لا طائل تحتها فلم نتعرض لها.
(والأول) وهو ان يجعل الفعل مطلقا كناية عنه متعلقا بمفعول مخصوص (كقول البختري في المعتز بالله) تعريضا بالمستعين بالله (شجو حساده وغيظ عداه، (شجو حساده وغيظ عداه * ان يرى مبصر ويسمع واع) اي ان يكون ذو رؤية وذو سمع فيدرك بالبصر (محاسنه) وبالسمع (اخباره الظاهرة الدالة على استحقاقه الإمامة دون غيره فلا يجدوا) نصب وعطف على يدرك أي فلا يجد أعداؤه وحساده الذين يتمنون الإمامة (إلى منازعته) الإمامة (سبيلا).
فالحاصل انه نزل يرى ويسمع منزلة اللازم، أي: من يصدر عنه السماع والرؤية من غير تعلق بمفعول مخصوص، ثم جعلها كنايتين عن الرؤية والسماع المتعلقين بمفعول مخصوص هو محاسنه.
واخباره بادعاء الملازمة بين مطلق الرؤية ورؤية آثاره ومحاسنه وكذا بين مطلق السماع وسماع اخباره للدلالة على أن آثاره واخباره بلغت من الكثرة والاشتهار إلى حيث يمتنع اخفاؤها فأبصرها كل راء وسمعها كل واع بل لا يبصر الرائي الا تلك الآثار ولا يسمع الواعي الا تلك الأخبار، فذكر اللازم وأراد الملزوم على ما هو طريق الكناية ففي ترك المفعول والاعراض عنه اشعار بان فضائله قد بلغت من الظهور والكثرة إلى حيث يكفي فيها مجرد ان يكون ذو سمع وذو بصر حتى يعلم أنه المتفرد بالفضائل.
ولا يخفى انه يفوت هذا المعنى عند ذكر المفعول أو تقديره (والا) أي: وان لم يكن الغرض عند عدم ذكر المفعول مع الفعل المتعدى المسند إلى فاعله أو نفيه عنه مطلقا بل قصد تعلقه بمفعول غير مذكور (وجب التقدير بحسب القرائن) الدالة على
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»